close
close
jamalouki.net
إشتركي في النشرة الالكترونية

كل ما يجب معرفته عن علاقتكِ بالعطور

علاقاتنا مع الروائح والعطور تطوّرت. لماذا؟ لأنّنا في الأمس كنّا مضطرّين للخضوع لما هو موجود، أمّا اليوم، فأصبح بإمكاننا السيطرة على خياراتنا وصقلها، لكي نجد العطور التي تشبهنا أكثر. سببٌ آخر أكثر أهميّة، وهو أنّ اللّاعبين الأساسيّين في عالم العطور، أيّ الباحثين، المختبرات والماركات، أصبحوا يفهمون بشكلٍ أفضل آليّة الشمّ وكيفيّة تأثيرها بشكلٍ إيجابيّ على عواطفنا، فالروائح تضعنا في مزاجٍ جيّد، وأكثر بكثير ممّا نظنّ.

سحر الروائح
هي مفتاحٌ يولّد أحاسيس جديدة. للروائح قدرةٌ عالية على استفزاز المشاعر وهذه ليست نظريّة جديدة، لكنّ حاجة الناس المتزايدة للحلم والهروب من الواقع وعيش أحاسيس قويّة، تجعلهم يرغبون في تفاعل حاسّة الشمّ مع الحواس الأخرى، ما يولّد خبراتٍ رائعة ومتعدّدة الأحاسيس. بعض الأماكن العامّة مثل المتاحف والمعارض أصبحت تعتمد على الروائح بهدف إكمال مشهدٍ معيّن، من شأنه زيادة التفاعل بين الزوّار والأعمال المعروضة. مثالٌ على ذلك، العطور التي أعدّتها شركة Scentys للمتحف الوطنيّ للطاقة في برشلونة، والتي تجسّد رائحة الكهرباء ومسار الطاقة والبخار. هذه الرؤية الفنيّة تهمّ الباحثين في العلوم العصبيّة والمتخصّصين بحاسّة الشم. برنامجٌ واسع من الدراسات حول العلاقة بين الفنّ والروائح تحت عنوان Kôdô، تعاون مع 3 شركات بينها Le Tir et La Lyre التي سبق وقدّمت 3 ابتكارات تحمل موضوع الروائح، إضافةً إلى أعمال تمّ تقديمها في مسرحيّات مثل L’Esperluette في باريس.

إرتباطها بأحاسيسنا وأمزجتنا
السعي الدائم وراء تشغيل الحواس يطال أيضاً ميدان الجمال والعطور، لكنّ إيجاد التقنيّات والأفكار التي تسمح باجتذاب الجمهور نحو رؤيةٍ جديدة لعطرٍ ما، لم يكن بالأمر السهل في السابق، لكنّه الآن أصبح قابلاً للتنفيذ طالما أنّه يضمّ معيارين مهمّين جدّاً: المعرفة الجيّدة لعالم العطور، والجمع أكثر فأكثر بين العطور والعواطف. الناس كانوا يتعطّرون في البداية لأسباب اجتماعيّة أكثر منها شخصيّة، وكانوا يتبعون بشكلٍ مباشر ما تمليه الموضة عليهم. اليوم، لم تختفِ هذه الظاهرة بشكلٍ كليّ، لكنّهم بدأوا يحمّلون العطر أبعاداً أكثر متعة، ترتبط بأذواقهم وشخصيّاتهم. لنكون في تناغمٍ عطريّ تام مع أمزجتنا وأحاسيسنا، يجب أن نكتسب بعض المفاتيح التي تساعدنا في معرفة أيّة عطور يجب أن نختار. إنّه مزيجٌ ذكيّ بين فنّ الاستماع إلى النفس ومعرفتها جيّداً، وروح المغامرة وتجربة ما تدلّنا إليه أحاسيسنا. الواقع أنّ كلّ الماركات والمحال الكبيرة وموزّعي العطور يراهنون على هذا التوازن بين الأحاسيس، الشعور الإيجابيّ والرائحة بحدّ ذاتها. هناك العديد من المبادرات الجديدة التي تهدف إلى مساعدة كلّ شخص في عيش متعة اختيار عطره، فمثلاً بيانو العطور الأساسيّة في بوتيك Nose الباريسيّ الذي يسمح للزائر بتركيب عطره، إضافةً إلى مفهوم Fragrance Combining أو مزج العطور لدى ماركة Jo Malone، الذي يتيح للزائر فرصة تركيب عطرِ من مكوّناتٍ تنتمي إلى عائلات عطريّة مختلفة. لكن ما هي العطور المناسبة لنا؟ هي تلك التي يجب أن نعتمدها في حياتنا اليوميّة لأنّها تمنحنا شعوراً من السعادة والمتعة. مثلاً، نطمئنّ لرائحة المسك الأبيض الموجود في العطور والكريمات العطريّة، كما هو موجود في مزيل التعرّق وجيل الاستحمام. من هنا يأتي الشعور بالطمأنينة والمزاج الجيّد عندما تلامس هذه النوتات رائحة البشرة الطبيعيّة وتغلّفها بهالةٍ عطريّة غير مرئيّة. الذوق في اختيار هذه الرائحة أو تلك، يرتبط بوظائف حيويّة مهمّة مثل الغذاء. على سبيل المثال، في البداية كان الإنسان يعيش ممّا يصطاده ويحصده من الأرض والشجر، لذلك نحن نحبّ رائحة الفاكهة، خصوصاً ذات الألوان الحيويّة كالأحمر، الأصفر والبرتقاليّ، لأنّ هذه الألوان هي مفردات السعادة.

عطر الشهامة
عبارةٌ اشتهرت في إعلانٍ تلفزيونيّ يصوّر رجلاً يمنح باقةً من الأزهار لسيّدةٍ أسرته بعطرها. لقد قام فريق مجلّة Cerveau & Psycho بتجربةٍ تناولت العلاقة الشميّة بين شخصين لا يعرفان بعضهما، وتبيّن بشكلٍ واضح أنّ غالبية الرجال يهرعون لمساعدة سيّدة أو لفت نظرها بأنّها أوقعت مفتاحها، إذا كانت هذه السيّدة تضع العطر. وكأنّه "سحرٌ نفسيّ-عطريّ"، يعزّز التقارب بين شخصين بعيدين جسديّاً. هناك أيضاً فيلمٌ إيطاليّ يعود تصويره للعام 1974 ويجسّد بطريقةٍ فكاهيّة القدرة النسائيّة: Profumo di donna أو "عطر المرأة" للمخرج Dino Risi.

الذكريات السعيدة
جوانب أخرى من الروائح تعمل أيضاً على تحسين مزاجنا، منها علاقتها بالذكريات. كلّما كانت رائحة ما مألوفة، كلّما زاد تقدير الناس لها. السبب؟ قرب منطقة الدماغ وتحديداً الجهاز الحوفيّ الذي يتعرّف على الروائح، من منطقة الذكريات ومنطقة المشاعر. مثلاً، بعض الروائح الشهيّة التي تذكّر بالطفولة، كرائحة حلوى الخطميّ في عطر Martin Margiela، والنوتة السكريّة في عطر L’eau en Blanc من Lolita Lempicka، وزهرة اللّيمون في عطر Elie Saab...عادةً ما نحبّ أيضاً الروائح المحفورة في مخزوننا الثقافيّ الاجتماعيّ، كرائحة كريم Nivea، أو رذاذ الشعر Elnett أو كريم الترطيب Mustela. أيضاً، تذكّر رائحة بودرة الوجه Météorites من Guerlain برائحة بودرة الأرزّ وبيروكات الشعر الأوروبيّة في القرن الثامن عشر. النوتات الأنثويّة الأنيقة برائحة زهر البنفسج والسوسن، يمكن إيجادها في عطر Cuir de Nacre من Ann Gérard. ذاكرتنا الشميّة ليست بقوّة الذاكرتين البصريّة والسمعيّة، لذا ولكي نحفظ رائحةً ما، نحن نستخدم جزءاً من عواطفنا من جهة، والمشهد العام الذي تشكّل هذه الرائحة جزءاً منه من جهة ثانية. عندما نشمّ هذه الرائحة بعد مرور زمن، نستذكر الإطار الذي سجّلناها فيه، فيعود إلينا بتفاصيله، بما فيها العواطف والأحاسيس.